الطاقة الشمسية الكهروضوئية المعتمدة على الالواح الشمسية هي تقنية مهمة في انتقالنا نحو الانبعاثات الصفرية. على الرغم من اننا نشهد انخفاضا في تكاليف الالواح الشمسية المصنوعة من السيليكون، الا اننا لم نشهد تغيرات كبيرة في الكفاءة منذ فترة.

ماذا لو تمكنا من تصنيع خلايا شمسية باستخدام مواد غير محدودة؟ ومواد غير معتمدة على الكربون في عملية التصنيع؟ وكذلك تحقيق كفاءات اعلى في نفس الوقت؟

 

تعد الالواح الشمسية المصنوعة من البروفسكايت واعدة جدا في مستقبل الطاقة الشمسية ولكن لماذا؟ هل هي مستقبل تكنولوجيا الالواح الشمسية؟ دعنا نستكشف الالواح الشمسية المصنوعة من البروفسكايت وكيف يمكنها امدادنا بالطاقة في المستقبل.

 

الطاقة الشمسية هي واحدة من أكثر مصادر الطاقة الواعدة للحد من انبعاثات الكربون، فقد قفزت كمية الطاقة المتولدة من الخلايا الكهروضوئية الى الشبكة من 597 جيجاوات ساعة في عام 2005 الى حوالي 545 تيرا وات ساعة في عام 2018، ومع طرح العديد من السياسات المحاولة لتقليل انبعاثات الكربون في العقود القليلة القادمة، يستمر استخدام الالواح الشمسية في النمو في جميع انحاء العالم. 

كان السيليكون البلوري هو الخيار المفضل لعقود، وعلى الرغم من ظهور مواد أخرى مثل نحاس الانديوم غاليوم سيلينيد CISG، وتيلوريد الكادميوم CdTe، الا انها لا تغطي سوى جزء صغير جدا من السوق، حوالي 5%، السبب الرئيسي لهذه المشاركة الصغيرة في السوق هو انه من الصعب جعلها فعاله ورخيصة مثل الالواح الشمسية تقليدية القائمة على السيليكون.

لكن السيلكون ليس مثاليا، فلا يزال لديه مشكلات تتعلق بالتكلفة بالإضافة الى الكفاءة، والتي لا تتجاوز عاده 21 % الى 22 % للألواح الاكثر مبيعا، كما انه ليس سرا ان صناعة الالواح الشمسية عمل مضر للبيئة بسبب الحرارة الشديدة المطلوبة لإزالة الشوائب من السيليكون، لذلك يبحث العلماء والشركات عن بدائل، احدى التقنيات الواعدة التي توفر التصنيع البسيط والخلايا الكهروضوئية عالية الكفاءة ه خلايا البروفسكايت.

 البروفسكايت هي عائلة من المواد ذات التركيب البلوري، والتي اكتشفها العالم الألماني جوستاف روز عندما كان مسافرا الى روسيا في عام 1839. أي نوع من المواد التي تحتوي على نفس التركيب البلوري لأوكسيد التيتانيوم الكالسيوم CaTiO3 يعتبر بروفسكايت.

لم يكن هناك أي بحث او تطوير على أكسيد البروفسكايت حتى الخمسينات من القرن الماضي، والذي تضمن استخدامه في خلايا الوقود والسيراميك الزجاجي والأجهزة فائقة التوصيل وأكثر من ذلك.

ولكن في عام 1999 فقط بدء تطبيق البروفسكايت على الخلايا الشمسية، فقد أعلن باحثون من المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا في طوكيو انهم صنعوا طبقة امتصاص بصرية لخلية شمسية باستخدام مركب بروفسكايت، بعد ذلك جاءت الألفية الجديدة ببحوث مكثفة حول الخلايا البروفسكايت الشمسية وطرق ومواد تصنيع جديدة.

 تعتبر مادة بروفسكايت ماده سهلة التركيب وتعتبر مستقبل الخلايا الشمسية، حيث اظهر هيكلها المميز إمكانات كبيرة للأداء العالي وتكاليف الإنتاج المنخفضة. تم تحسين هذه الخلايا الشمسية الى حد كبير في إطار زمني قصير مع ازدهار في كفاءة التحويل من 3% في عام 2006 الى أكثر من 29% اليوم، والتي تجاوزت الحد الاقصى من الكفاءات التي تم تحقيقها في خلايا المونو والبولي كريستالين في خلايا السيليكون التقليدية.

في المختبرات يتم تصنيع خلايا البروفسكايت عن طريق الطلاء بالدوران او الرش وهي مادة توفر السطح لتتبلور المواد الكيميائية عليه، تعمل هذه الخلايا الى حد كبير مثل الالواح الشمسية التقليدية، ولكن كتلخيص سريع لهذه العملية، الجزء من اللوح الشمسي الذي يمتص ضوء الشمس ويحوله الى كهرباء هو رقاقة مصنوعة من مادة شبه موصلة، عادة ما تكون من السيليكون. اشباه الموصلات هي مادة مصنوعة من مادة شبه موصلة عادة لا توصل الكهرباء بشكل جيد الى إذا كانت في الظروف المناسبة هذ مبسط بشكل مفرط، لكن الخلية تحتوي اساسا على طبقتين من السيليكون، تحتوي الطبقة العليا على كمية ضئيلة من الفسفور والتي تحتوي على الكترونات اكثر من السيليكون، هذا الفائض من الالكترونات يجعلها  سالبة الشحنة لذلك يشار اليها باسم N-Type، والطبقة السفلية تحتوي على كمية ضئيلة من البورون والتي تحتوي على الكترونات اقل من السيليكون لجعلها مشحونة بشكل ايجابي اكثر، والمعروف باسم P-Type، عندما يضرب فوتون من ضوء الشمس الطيفي المرئي اللوح ويتم امتصاصه فانه يصطدم بالإلكترونات، لتترك السيليكون مشحون إيجابيا، ينجذب الالكترون الحر الي الطبقة العلوية سالبة الشحنة، بينما تتحرك الفجوة الموجبة الى الطبقة السفلية، تنشئ الاسلاك التي تربط الطبقتين العلوية والسفلية دائرة لإعادة توصيل الالكترونات الفجوات من جديد، لتوليد التيار الكهربائي.

ما أهمية هذا عندما نتحدث عن البروفسكايت؟ اليوم تصل تكنولوجيا الطاقة الشمسية المعتمدة على السيليكون الى حد كفاءتها العملية عند استخدامها بمفردها.

قام الفيزيائيين ويليام شوكلي وهانز جوشم كيزر بحساب الحد الاقصى من الكفاءة النظرية للخلايا الشمسية احادية التبلور المونو السيليكون بحوالي 30 %، يعرف الان باسم حد شوكلي كايزر.

وعلى الرغم من المكاسب التي حققتها الخلايا متعدد الوصلات التي تجمع بين طبقات وتقنيات متعددة، فالتحدي الاخر هو ان السليكون يجب ان يكون سميكا الى حد ما، ومصنع بدرجة حرارة عالية جدا، ولكن عندما يتعلق الامر بخلايا البروفسكايت الشمسية، فإنها لا تتطلب الحرارة ويمكن تصنيعها بطبقات ارق بكثير، يمكنهم ايضا العمل مع جميع الاطوال الموجية المرئية تقريبا مما يؤدي الى نقل واعاده تركيب واستخراج الشاحنات بشكل أكثر كفاءة من خلايا السيليكون.

يمكن ضبط البروفسكايت لامتصاص ألوان مختلفة في الطيف الشمسي تفتح مرونة فجوة الحزمة هذه تطبيقا مفيدا اخر لهذه الخلايا الشمسية في تكوينات الأجهزة الترادفية عالية الاداء التي تحقق كفاءات اعلى من 30 %، يمكن دمجها مع مواد اخرى مثل السيليكون على سبيل المثال في تشكيل هياكل هجينة تلك الخلايا متعددة الوصلات، يمكن ضبط كل تقاطع او مجموعة من الطبقات على اطوال موجية مختلفة من الضوء مما يزيد من النطاق الشامل للأطوال الموجية التي يمكن ان تمتصها الخلية بأكملها، مما يساعد في تحقيق الكفاءة.

يمكن انتاج بروفسكايت باستخدام حلول بسيطة لا تتطلب معدات ومرافق باهظة الثمن ومعقدة، يستخدم هيكلها ذو الاغشية الرقيقة مواد اقل 20 مرة، كما انها لا تتطلب مواد غير متوفرة في الطبيعة، يبلغ سمك البروفسكايت حوالي نصف ميكرون فقط بينما تبلغ سماكة طبقة السيليكون 200 ميكرون تقريبا.

 خلص تحليل دورة الحياة الذي تضمن العديد من التقنيات الكهروضوئية الى انتاج خلايا السليكون او خلايا ترادفية بروفسكايت على السيليكون ينتج عنها بصمة كربونية اعلى وتكلفة اعلى مقارنة بخلايا بروفسكايت متعددة الطبقات، قام علماء جامعة ستانفورد على سبيل المثال بتصنيع اغشية رقيقة من البروفسكايت باستخدام جهاز آلي بفتحتين، قد تكون هذه التقنية قادرة على انتاج وحدات بروفسكايت مقابل 25 سنت للقدم المربع بينما تتراوح تكلفة الالواح الشمسية التقليدية من 4 دولارات الى 10 دولارات.

مع كفاءات أفضل وتصنيع أرخص وأسهل لماذا لا نرى خلايا البروفسكايت تسيطر على صناعة الخلايا الشمسية؟

العقبة الرئيسية امام البروفسكايت حتى نراها تسيطر على الصناعة هي ما إذا كان بإمكانها الاستمرار مثل الواح السيليكون والتي تأتي بضمان لمدة 25 عام وتستمر لفترة اطول من ذلك بكثير، البروفسكايت حساس جدا للأكسجين والرطوبة والحرارة مما يتطلب تغليفا كثيفا لحماية الخلايا مما يزيد من التكلفة والوزن، مادة القطب الاكثر شيوعا في خلايا بروفسكايت الشمسية في الوقت الحالي هي الذهب والذي بدوره يرفع السعر أيضا، والبدائل الارخص لا تدوم طويلا.

في درجات الحرارة العالية، تتمدد هياكل خلايا البروفسكايت وعلى الرغم من ان هذا التغيير قابل للانعكاس الا انه يقلل من اداء خلايا البروفسكايت، على الرغم من تحقيق كفاءات عالية مثل خلية البروفسكايت سيليكون في اوكسفورد. والتي وصلت الى 29.5% من كفاءه التحويل الا ان معظم شركات البروفسكايت لم تنشر نتائج الاستمرارية الخاصة بها، يقولون جميعا انهم يتبعون معيار الشهادة الذي تم وضعه للألواح الشمسية المصنوع من السيليكون الذي وضعته اللجنة الكهرو تقنية الدولية IEC، يتكون معيار IEC 61215 الذي تخضع له الوحدات النمطية لسلسلة من الاختبارات المتسارعة لمحاكاة تشغيلها على مدار سنوات في أحد هذه الاختبارات يتم تسخين الوحدات حتى 85 درجة مئوية لمدة ألف ساعة عند مستوى رطوبة بنسبه 85% وحتى قصفها بكرات البرد. بعد هذه السلسلة الثقيلة والصعبة من الاختبارات إذا استمرت لوحة السيليكون في العمل فمن المفترض ان يكون لديهم فرصة جيدة للاستمرار لمده 25 عاما ولكن في حالة البروفسكايت على الرغم من قدرتها على اجتياز هذه الاختبارات لا تزال هناك شكوك حول امكانية استمرارها في الظروف العملية طوال تلك السنوات بسبب عدم استقرارها مقارنه بالسيليكون.

لدينا عقود من استخدام السيليكون في العالم الحقيقي مقابل لا شيء للبروفاسكايت حتى الان، على سبيل المثال، حصلت وحدات البروفسكايت الخاصة ب Microquanta على موافقة IEC 61215 ولكن اتضح ان سعة التوليد للوحدات قد تقلصت الى 80 % من ادائها الاولى في غضون عام الى عامين في المتوسط وفقا للتجارب الميدانية في هنجتسو في الصين.

 مشكلة اخرى صغيرة ولكنها مشكوك فيها مع خلايا البروفسكايت هي سميتها، يستخدم الرصاص في هياكل الخلايا الاكثر شيوعا، ولأنه ماده معدنية سامة يجب التحكم فيها بعناية من تصنيعه الى اعاده التدوير.

بينما لا تزال هذه التحديات قائمة يتم وضع الكثير من البحث والتطوير في تحويل الكفاءة والاستقرار بالإضافة الى زيادة العمر واستبدال المواد السامة بمواد أكثر امانا. نشر باحثون من كلية الهندسة بجامعة براون مؤخرا، تطورات لجعل خلايا البروفسكايت الشمسية أكثر متانة، بادئ ذي بدء وجد العلماء أضعف واجهة للبروفيسكايت ثم اكتشفوا كيفية تحسين مقاومته، وذلك باستخدام صمغ جزيئي، باستخدام هذا الصمغ الجزيئي للصق الخلايا معا، زادوا من الالتصاق بي طبقات الخلايا، مقارنة بالمواد اللاصقة المخبرية التقليدية التي كانت ستدمر خصائص الخلية.

مقارنه بخلايا البروفسكايت التجارية المستخدمة في هذه الدراسة والتي يمكن ان تستمر حوالي 700 ساعة، زادت التكنولوجيا التي طورها الباحثون من العمر الافتراضي الى 4000 ساعة اي ما يعادل عامين تقريبا في خمس ساعات من ذروة الشمس في اليوم، هذا تحسن هائل، لكن الباحثين حددوا مجالات اخرى للتحسين، لذلك لايزال هناك المزيد في المستقبل.

اليوم لدينا تقديرات فقط لخلايا البروفسكايت الشمسية وليس هناك الكثير من البيانات التي تستخدم في العالم الحقيقي، تشير التقديرات الى ان الالواح الشمسية من البروفسكايت يمكن ان تكلف 10 الى 20 سنتا  فقط لكل وات، لكننا مازلنا بحاجة الى انتظار تسويق هذه التكنولوجيا ، الحصول على فهم اكثر دقة لتكلفتها ومميزاتها الحقيقية، وفيما يتعلق بالسمية الناتجة عن الرصاص، والتي تعد منخفض جدا بالمناسبة، فقد قام العلماء في جامعة جهارخاند المركزية في الهند، بمحاكاة خلية شمسية ميثيلامنيوم يوديد يوديد  بروفسكايت محسنة بطبقة مصنوعة من اكسيد النحاس، هذه مجموعة كاملة من الكلمات العشوائية،  ماذا يعني ذلك؟  حسنا، الهيكل الذي قام بإنشائه عبارة عن خلية بروفسكايت خالية من الرصاص، ظهرت عمليات المحاكاة التي قام بها ان لديه القدرة على الوصول الى كفاءة تحويل طاقة تبلغ 27.43%، واشار أحد الباحثين باسوديف برادهان، الي ان تقديرات التكاليف أرخص من 8 الى 10 مرات من الالواح الشمسية القياسية القائمة على السيليكون.

سول تكنولوجي تعتبر واحدة من الشركات الرائدة في سوق الخلايا الشمسية المصنوعة من البروفسكايت، لديها بعض المنتجات المثيرة للاهتمام ، لديهم زجاج ضوئي من البروفسكايت يمكن دمجه مع المباني، انها خلية شمسية شبه شفافة من البروفسكايت، مطبوعة علي رقائق مرنة ومغطاة بطبقات من الزجاج مما يجعلها نافذة تولد الكهرباء،  تنتج هذه الشركة ايضا ستائر شمسية تجمع الطاقة يمكنها حجب اشعة الشمس الشديدة في الصيف، لكن في الصباح والمساء تسمح لأشعة الشمس بدخول المبنى لتوفير الضوء الطبيعي والتدفئة السلبية، يمكن تعديل هذه الستائر يدويا او تلقائيا، وفي مايو عام 2021 اطلق سول تكنولوجي اول خط انتاج صناعي في العالم للألواح الشمسية البروفسكايت في بولندا.

 تعمل جينكو سولار، وهي شركه رائدة اخرى في سوق الالواح الشمسية، على طرح تقنية البروفسكايت، ففي عام 2017 وقعت الشركة على صفقة غير حصرية مع شركة جريت سيل ومقرها استراليا لاستكشاف خيارات لتسويق تقنية خلايا البروفسكايت. اشارت الشركة المصنعة الصينية في بيانها المالي للربع الاول من عام 2021، لقد أكملنا ايضا بناء منصة تكنولوجيا خلايا البروفسكايت المصفحة عالية الكفاءة، والتي من المتوقع ان تصل الى كفاءة تحويل خلوية مذهلة تزيد عن 30% خلال العام.

 لذا تبدو الامور وكأنها بدأت اخيرا في التحسن، من المقدر ان ينمو سوق الخلايا الشمسية البروفسكايت بمعدل 34 % بين عامي 2020 و2027 لكن عوامل مثل عدم الاستقرار واستخدام المواد السامة يمكن ان تبطئ نمو السوق.

على الرغم من ان الشركات مثل سول وجنكو سولار قد استثمرت في هذه التقنية، الا انه لا يزال هناك مشاكل في البروفسكايت يجب معالجتها، ولكن بالنظر الى ان كفاءة المواد زادت من 4% الى اكتر من 25% في غضون عقد من الزمن، فمن السهل ان نرى سبب تفاؤل الكثير من الناس بشأن مستقبل البروفسكايت، على الرغم من ان الكفاءة يمكن ان تكون محرك رائع، الا انها لن تحفز الشركات على تبنيها بمفردها، من اجل ذلك ستنخفض التكلفة والقيمة حتى لو لم يستمر طويلا مثل السيليكون